هيكل مقال علمي: الضَّوَابِطُ الإِجْرَائِيَّةُ لِتَحْرِيكِ الدَّعْوَى العُمُومِيَّةِ وَنِظَامُ بَدَائِلِ المُتَابَعَةِ وَالتَّحْقِيقِ فِي التَّشْرِيعِ الجَزَائِيِّ - منظمة المحامين قسنطينة - العضو الأستاذ بوطاس الحاسن 2025
**مُقَدِّمَةٌ:** تَهدِفُ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ إِلَى تَحلِيلِ الإطَارِ الإِجْرَائِيِّ الَّذِي يَحكُمُ تَحرِيكَ الدَّعوَى العُمُومِيَّةَ أَمَامَ المحكمة، وَاِستِعرَاضِ البَدَائِلِ المُستَحدَثَةِ لِلمُتَابَعَةِ الجَزَائِيَّةِ (كَالوَسَاطَةِ وَإِرْجَاءِ المُتَابَعَةِ)، مَعَ ضَبْطِ القَوَاعِدِ الحَاكِمَةِ لِلتَّحقِيقَاتِ الأَوَّلِيَّةِ فِي حَالَةِ التَّلَبُّسِ، وَبَيَانِ إِجْرَاءَاتِ المُثُولِ بِنَاءً عَلَى الاِعتِرَافِ المُسبَقِ بِالذَّنْبِ، وَذَلِكَ بِأُسْلُوبٍ تَحلِيلِيٍّ مُنَظَّمٍ يُغَطِّي كَافَّةَ الجَوَانِبِ الإِجْرَائِيَّةِ وَالضَّمَانَاتِ القَانُونِيَّةِ.
1.1. طُرُقُ رَفْعِ الدَّعوَى العُمُومِيَّةِ أَمَامَ المَحكَمَةِ
يُعَدُّ رَفْعُ الدَّعوَى العُمُومِيَّةِ أَمَامَ جِهَاتِ الحُكْمِ الإِجْرَاءَ الجَوْهَرِيَّ الَّذِي يَضَعُ المَحكَمَةَ فِي حَالَةِ نَظَرٍ، وَتَختَلِفُ الكَيفِيَّاتُ المُعتَمَدَةُ لِهَذَا الغَرَضِ بِاِختِلَافِ طَبِيعَةِ الجَرَائِمِ، سَوَاءً كَانَتْ جِنَايَاتٍ أَو جُنَحاً أَو مُخَالَفَاتٍ:
1.1.1. فِي مَوَادِّ الجَرَائِمِ (الجِنَايَاتِ وَالجُنَحِ)
-
أ. الرَّفْعُ بِطَرِيقِ الْإِحَالَةِ مِنَ الْجِهَةِ الْقَضَائِيَّةِ الْمَنُوطِ بِهَا إِجْرَاءُ التَّحْقِيقِ.
يُمَثِّلُ هَذَا الْمَسَارُ الطَّرِيقَ الطَّبِيعِيَّ وَالتَّقْلِيدِيَّ لِرَفْعِ الدَّعْوَى، حَيْثُ تُرْفَعُ إِلَى الْمَحكَمَةِ بِنَاءً عَلَى قَرَارٍ بِالْإِحَالَةِ صَادِرٍ عَنْ جِهَةِ التَّحْقِيقِ الْمُخْتَصَّةِ بَعْدَ اِنْتِهَائِهَا مِن إِجْرَاءِ التَّحْقِيقَاتِ اللَّازِمَةِ.
-
ب. الرَّفْعُ بِحُضُورِ أَطْرَافِ الدَّعْوَى بِإِرَادَتِهِمْ.
يُمْكِنُ رَفْعُ الدَّعْوَى أَيْضاً بِحُضُورِ أَطْرَافِ الدَّعْوَى (الْمُتَّهَمِ وَالطَّرَفِ الْمَدَنِيِّ إِنْ وُجِدَ) أَمَامَ الْمَحكَمَةِ بِمَحْضِ إِرَادَتِهِمْ، شَرِيطَةَ أَنْ يَتِمَّ ذَلِكَ وَفْقاً لِلْأَوْضَاعِ وَالشُّرُوطِ الْمَنصُوصِ عَلَيْهَا فِي الْمَادَّةِ 473 مِن هَذَا الْقَانُونِ.
-
ج. الرَّفْعُ بِتَكْلِيفٍ بِالْحُضُورِ يُسَلَّمُ مُبَاشَرَةً إِلَى الْمُتَّهَمِ وَالْأَشْخَاصِ الْمَسْؤُولِينَ مَدَنِيَّاً عَنِ الْجَرِيمَةِ.
فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، تُرْفَعُ الدَّعْوَى بِتَوْجِيهِ **تَكْلِيفٍ بِالْحُضُورِ** يُسَلَّمُ مُبَاشَرَةً إِلَى **الْمُتَّهَمِ** وَكَذَا إِلَى **الْأَشْخَاصِ الْمَسْؤُولِينَ مَدَنِيَّاً** عَنِ الْجَرِيمَةِ، مِمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِمُ الْمُثُولَ أَمَامَ الْمَحكَمَةِ فِي الْمَوْعِدِ الْمُحَدَّدِ.
-
د. الرَّفْعُ بِتَطْبِيقِ إِجْرَاءَاتِ الْإِخْطَارِ الْفَوْرِيِّ، أَوِ الْمُثُولِ بِنَاءً عَلَى الِاِعْتِرَافِ الْمُسْبَقِ بِالذَّنْبِ، أَو إِجْرَاءَاتِ الْأَمْرِ الْجَزَائِيِّ.
تُتِيحُ الْإِجْرَاءَاتُ الْحَدِيثَةُ رَفْعَ الدَّعْوَى بِوَاسِطَةِ آلِيَّاتٍ سَرِيعَةٍ تَهْدِفُ إِلَى تَبْسِيطِ وَتَقْصِيرِ آجَالِ الْمُتَابَعَةِ، وَهِيَ تَشْمَلُ تَطْبِيقَ إِجْرَاءَاتِ **الْإِخْطَارِ الْفَوْرِيِّ**، أَو إِجْرَاءَاتِ **الْمُثُولِ بِنَاءً عَلَى الِاِعْتِرَافِ الْمُسْبَقِ بِالذَّنْبِ**، أَو إِجْرَاءَاتِ **الْأَمْرِ الْجَزَائِيِّ**.
-
هـ. الرَّفْعُ بِالْإِخْطَارِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ.
يُسْمَحُ بِرَفْعِ الدَّعْوَى كَذَلِكَ بِوَاسِطَةِ **الْإِخْطَارِ الصَّادِرِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ** ذَاتِهَا، وَذَلِكَ طَبْقاً لِلْأَحْكَامِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ 477 مِن هَذَا الْقَانُونِ.
-
و. الرَّفْعُ بِتَطْبِيقِ إِجْرَاءَاتِ الْإِحَالَةِ مِنْ مَحكَمَةٍ إِلَى أُخْرَى.
فِي حَالَاتٍ تَقتَضِيهَا مُتَطَلَّبَاتُ حُسْنِ سَيْرِ الْعَدَالَةِ أَو قَوَاعِدُ الِاخْتِصَاصِ، يُمْكِنُ رَفْعُ الدَّعْوَى عَبْرَ تَطْبِيقِ **إِجْرَاءَاتِ الْإِحَالَةِ مِنْ مَحكَمَةٍ إِلَى أُخْرَى**، وَذَلِكَ وِفْقاً لِأَحْكَامِ الْمَادَّةِ 712 وَمَا يَلِيهَا مِن هَذَا الْقَانُونِ.
1.1.2. فِي مَوَادِّ الْمُخَالَفَاتِ
تَتَمَيَّزُ الْمُخَالَفَاتُ بِتَبْسِيطٍ فِي إِجْرَاءَاتِ رَفْعِ الدَّعْوَى نَظْراً لِطَبِيعَتِهَا الْأَقَلِّ جَسَامَةً، وَتَتِمُّ عَبْرَ إِحْدَى الطُّرُقِ التَّالِيَةِ:
-
أ. الرَّفْعُ بِالْإِحَالَةِ مِنْ جِهَةِ التَّحْقِيقِ.
يُمْكِنُ رَفْعُ الدَّعْوَى إِلَى الْمَحكَمَةِ فِي مَوَادِّ الْمُخَالَفَاتِ بِنَاءً عَلَى إِحَالَةٍ صَادِرَةٍ عَنْ جِهَةِ التَّحْقِيقِ الْمُخْتَصَّةِ.
-
ب. الرَّفْعُ بِحُضُورِ أَطْرَافِ الدَّعْوَى بِاِخْتِيَارِهِمْ.
يُتَاحُ لِلْأَطْرَافِ اِخْتِيَارُ الْمُثُولِ أَمَامَ الْمَحكَمَةِ وَحُضُورِ الدَّعْوَى بِاِخْتِيَارِهِمْ، كَطَرِيقٍ لِرَفْعِهَا.
-
ج. الرَّفْعُ بِتَكْلِيفٍ بِالْحُضُورِ مُسَلَّمٍ إِلَى الْمُتَّهَمِ وَالْمَسْؤُولِ عَنِ الْحُقُوقِ الْمَدَنِيَّةِ.
كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْجَرَائِمِ، تُرْفَعُ الدَّعْوَى بِتَسْلِيمِ **تَكْلِيفٍ بِالْحُضُورِ** إِلَى كُلٍّ مِن **الْمُتَّهَمِ** وَ**الْمَسْؤُولِ عَنِ الْحُقُوقِ الْمَدَنِيَّةِ**.
-
د. مَقَامُ الْإِخْطَارِ الْمُسَلَّمِ بِمَعْرِفَةِ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ.
يُعَدُّ **الْإِخْطَارُ** الْمُسَلَّمُ مِن **النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ** بِمَثَابَةِ **التَّكْلِيفِ بِالْحُضُورِ** إِذَا مَا تَبِعَهُ حُضُورٌ طَوْعِيٌّ مِن الشَّخْصِ الْمُوَجَّهِ إِلَيْهِ الْإِخْطَارُ وَاِخْتِيَارُهُ ذَلِكَ. وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْإِخْطَارِ أَنْ **تُذْكَرَ فِيهِ الْجَرِيمَةُ مَحَلُّ الْمُتَابَعَةِ**، وَأَنْ **يُشَارَ فِيهِ إِلَى الْمَوَادِّ الْقَانُونِيَّةِ الْمُعَاقَبِ بِهَا**.
1.2. أَحكَامُ الِاِدِّعَاءِ الْمَدَنِيِّ
يُتِيحُ التَّشْرِيعُ الْإِجْرَائِيُّ لِكُلِّ شَخْصٍ مُتَضَرِّرٍ مِن جِنَايَةٍ أَو جُنْحَةٍ الْمُطَالَبَةَ بِحُقُوقِهِ الْمَدَنِيَّةِ أَمَامَ الْقَضَاءِ الْجَزَائِيِّ، وَذَلِكَ عَبْرَ آلِيَّةِ **الِاِدِّعَاءِ الْمَدَنِيِّ** الَّذِي يُحَرِّكُ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِشُرُوطٍ مُحَدَّدَةٍ.
1.2.1. شُرُوطُ قَبُولِ الشَّكْوَى الْمَصْحُوبَةِ بِالِاِدِّعَاءِ الْمَدَنِيِّ
-
أ. اِشْتِرَاطُ عَدَمِ اِرْتِبَاطِ الْجِنَايَةِ أَوِ الْجُنْحَةِ بِوَقَائِعَ مَعْرُوضَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ.
لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ الْمُتَضَرِّرِ أَنْ يَدَّعِيَ مَدَنِيَّاً أَمَامَ قَاضِي التَّحْقِيقِ إِذَا كَانَتِ الْأَفْعَالُ (الْجِنَايَةُ أَوِ الْجُنْحَةُ) مُرْتَبِطَةً أَو مُتَّصِلَةً بِوَقَائِعَ مَعْرُوضَةٍ أَصْلاً عَلَى الْقَضَاءِ.
-
ب. ضَرُورَةُ إِثْبَاتِ تَقْدِيمِ شَكْوَى سَابِقَةٍ أَمَامَ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ تَمَّ حِفْظُهَا، أَو مُرُورِ أَجَلِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَلَى إِيدَاعِهَا دُونَ اِتِّخَاذِ قَرَارٍ بِتَحْرِيكِ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةِ.
لَا تَكُونُ الشَّكْوَى الْمَصْحُوبَةُ بِالِاِدِّعَاءِ الْمَدَنِيِّ مَقْبُولَةً إِلَّا إِذَا أَثْبَتَ الْمَعْنِيُّ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ لَهُ تَقْدِيمُ شَكْوَى مِن أَجْلِ نَفْسِ الْأَفْعَالِ وَضِدَّ نَفْسِ الشَّخْصِ أَوِ الْأَشْخَاصِ أَمَامَ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ وَتَمَّ **حِفْظُ هَذِهِ الشَّكْوَى**، أَو أَنَّهُ قَدْ **مَرَّ عَلَى إِيدَاعِهَا أَجَلُ أَرْبَعَةِ (4) أَشْهُرٍ** وَتَأَكَّدَ قَاضِي التَّحْقِيقِ مِن أَنَّهُ لَمْ يُتَّخَذْ بِشَأْنِهَا قَرَارٌ بِتَحْرِيكِ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةِ.
1.2.2. الْإِجْرَاءَاتُ الْقَضَائِيَّةُ لِلْمُطَالَبَةِ الْمَدَنِيَّةِ
-
أ. أَمْرُ قَاضِي التَّحْقِيقِ بِعَرْضِ الشَّكْوَى عَلَى وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ لِإِبْدَاءِ الرَّأْيِ وَالطَّلَبَاتِ فِي أَجَلِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ.
يَتَعَيَّنُ عَلَى قَاضِي التَّحْقِيقِ، فَوْرَ تَلَقِّي الشَّكْوَى، أَنْ يَأْمُرَ بِعَرْضِهَا عَلَى وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ فِي أَجَلِ **خَمْسَةِ (5) أَيَّامٍ**، وَعَلَى وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ أَنْ يُبْدِيَ طَلَبَاتِهِ فِي أَجَلٍ مُمَاثِلٍ مِن يَوْمِ التَّبْلِيغِ.
-
ب. حَالَاتُ عَدَمِ جَوَازِ طَلَبِ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ عَدَمَ إِجْرَاءِ تَحْقِيقٍ.
لَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِطَلَبِ عَدَمِ إِجْرَاءِ تَحْقِيقٍ إِلَّا إِذَا كَانَتِ الشَّكْوَى مَرْفُوعَةً ضِدَّ شَخْصٍ وُضِعَتْ لِمُتَابَعَتِهِ تَرْتِيبَاتٌ خَاصَّةٌ، أَو كَانَتِ الْوَقَائِعُ غَيْرَ جَائِزٍ مُتَابَعَةُ التَّحْقِيقِ مِن أَجْلِهَا لِأَسْبَابٍ تَمَسُّ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةَ، أَو كَانَتِ الْوَقَائِعُ لَا تَقْبَلُ قَانُوناً أَيَّ وَصْفٍ جَزَائِيٍّ.
-
ج. إِمْكَانِيَّةُ الِاِدِّعَاءِ الْمَدَنِيِّ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَثْنَاءَ التَّحْقِيقِ، وَحَقُّ الْأَطْرَافِ فِي الْمُنَازَعَةِ فِيهِ.
يَجُوزُ الِاِدِّعَاءُ مَدَنِيَّاً فِي أَيِّ وَقْتٍ أَثْنَاءَ سَيْرِ التَّحْقِيقِ. وَتَجُوزُ **الْمُنَازَعَةُ** فِي طَلَبِ الِاِدِّعَاءِ الْمَدَنِيِّ مِن جَانِبِ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ أَوِ الْمُتَّهَمِ أَو مُدَّعٍ مَدَنِيٍّ آخَرَ، وَيَفْصِلُ فِيهَا قَاضِي التَّحْقِيقِ بِقَرَارٍ مُسَبَّبٍ.
-
د. ضَرُورَةُ إِيدَاعِ مَبْلَغِ مَصَارِيفِ الدَّعْوَى (الْكَفَالَةِ) تَحْتَ طَائِلَةِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّكْوَى.
يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُدَّعِي الْمَدَنِيِّ الَّذِي يُحَرِّكُ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ حَصَلَ عَلَى الْمُسَاعَدَةِ الْقَضَائِيَّةِ، أَنْ **يُودِعَ لَدَى أَمَانَةِ الضَّبْطِ مَبْلَغاً مُقَدَّراً لِلُزُومِهِ لِمَصَارِيفِ الدَّعْوَى** بِأَمْرٍ مِن قَاضِي التَّحْقِيقِ، **تَحتَ طَائِلَةِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّكْوَى**.
-
هـ. ضَرُورَةُ تَعْيِينِ الْمُدَّعِي الْمَدَنِيِّ غَيْرِ الْمُقِيمِ مَوْطِناً مُخْتَاراً.
عَلَى كُلِّ مُدَّعٍ مَدَنِيٍّ لَا تَكُونُ إِقَامَتُهُ بِدَائِرَةِ اِخْتِصَاصِ الْمَحكَمَةِ أَنْ **يُعَيِّنَ مَوْطِناً مُخْتَاراً**، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَارِضَ فِي عَدَمِ تَبْلِيغِهِ الْإِجْرَاءَاتِ.
-
و. إِجْرَاءَاتُ دَعْوَى التَّعْوِيضِ الْمَدَنِيِّ ضِدَّ الشَّاكِي بَعْدَ صُدُورِ قَرَارٍ نِهَائِيٍّ بِأَلَّا وَجْهَ لِلْمُتَابَعَةِ.
إِذَا صَدَرَ، بَعْدَ إِجْرَاءِ تَحْقِيقٍ، قَرَارٌ نِهَائِيٌّ بِأَلَّا وَجْهَ لِمُتَابَعَةِ الْمُتَّهَمِ، يَحِقُّ لِلْمُتَّهَمِ أَنْ يَطْلُبَ **الْحُكْمَ لَهُ قَبْلَ الشَّاكِي بِالتَّعْوِيضِ**، وَتُرْفَعُ الدَّعْوَى خِلَالَ **ثَلَاثَةِ (3) أَشْهُرٍ** أَمَامَ مَحكَمَةِ الْجُنَحِ.
2.1. الْوَسَاطَةُ كَآلِيَّةٍ لِإِنْهَاءِ الْإِخْلَالِ النَّاتِجِ عَنِ الْجَرِيمَةِ
تُمَثِّلُ الوَسَاطَةُ إِجْرَاءً اِسْتِثْنَائِيَّاً يَهْدِفُ إِلَى تَسْوِيَةِ النِّزَاعِ وَتَدَارُكِ الآثَارِ السَّلْبِيَّةِ لِلْجَرِيمَةِ دُونَ اللُّجُوءِ الفَوْرِيِّ إِلَى إِجْرَاءَاتِ المُتَابَعَةِ الجَزَائِيَّةِ، وَذَلِكَ فِي إِطَارٍ قَانُونِيٍّ مُحَدَّدٍ.
2.1.1. سُلْطَةُ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ وَشُرُوطُ الْوَسَاطَةِ
-
أ. قَرَارُ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ بِإِجْرَاءِ الْوَسَاطَةِ بِمُبَادَرَةٍ مِنْهُ أَو بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْأَطْرَافِ قَبْلَ أَيِّ مُتَابَعَةٍ جَزَائِيَّةٍ.
يَجُوزُ لِوَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ، **قَبْلَ أَيِّ مُتَابَعَةٍ جَزَائِيَّةٍ**، أَنْ يُقَرِّرَ إِجْرَاءَ وِسَاطَةٍ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِن شَأْنِهَا **وَضْعُ حَدٍّ لِلْإِخْلَالِ النَّاتِجِ عَنِ الْجَرِيمَةِ** أَو **جَبْرُ الضَّرَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَنْهَا**.
-
ب. شَرْطُ قَبُولِ الضَّحِيَّةِ وَالْمُشْتَكَى مِنْهُ، وَإِمْكَانِيَّةُ اِسْتِعَانَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمُحَامٍ.
يُشْتَرَطُ لِإِجْرَاءِ الْوَسَاطَةِ **قَبُولُ الضَّحِيَّةِ وَالْمُشْتَكَى مِنْهُ** مَعَاً، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا **الِاِسْتِعَانَةُ بِمُحَامٍ**.
-
ج. دَوْرُ الْوَسِيطِ (وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ نَفْسِهِ أَو وَسِيطٍ مُفَوَّضٍ يُؤَدِّي الْيَمِينَ).
يَتَوَلَّى وَكِيلُ الْجُمْهُورِيَّةِ إِجْرَاءَ الْوَسَاطَةِ بِنَفْسِهِ، أَو يُفَوِّضُ أَحَدَ الْوُسَطَاءِ. الْوُسَطَاءُ الْمُفَوَّضُونَ يُؤَدُّونَ الْيَمِينَ أَمَامَ الْمَجْلِسِ الْقَضَائِيِّ، وَيَعْرِضُ الْوَسِيطُ الْمُفَوَّضُ الْمَحْضَرَ عَلَى وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ لِاِعْتِمَادِهِ.
-
د. مَكَانُ تَطْبِيقِ الْوَسَاطَةِ، وَتَحْدِيدُ الْجَرَائِمِ الْقَابِلَةِ لِلتَّطْبِيقِ.
تَتِمُّ الْوَسَاطَةُ، **فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ، فِي مَقَرِّ الْمَحكَمَةِ**. وَتُطَبَّقُ فِي مَوَادِّ **الْجُنَحِ** الْمُحَدَّدَةِ، كَمَا **يُمْكِنُ أَنْ تُطَبَّقَ فِي الْمُخَالَفَاتِ**.
2.1.2. إِجْرَاءَاتُ الْوَسَاطَةِ وَآثَارُهَا الْقَانُونِيَّةُ
-
أ. تَدوِينُ الِاِتِّفَاقِ فِي مَحْضَرٍ يَتَضَمَّنُ كَافَّةَ التَّفَاصِيلِ وَتَوْقِيعَ الْأَطْرَافِ.
يُدَوَّنُ الِاِتِّفَاقُ فِي **مَحْضَرٍ** يَتَضَمَّنُ مُضْمُونَهُ وَآجَالَ تَنْفِيذِهِ، وَيُوَقَّعُ مِنْ طَرَفِ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ وَأَمِينِ الضَّبْطِ وَالْأَطْرَافِ.
-
ب. مُضْمُونُ اِتِّفَاقِ الْوَسَاطَةِ.
يَتَضَمَّنُ، عَلَى الْخُصُوصِ، **إِعَادَةَ الْحَالِ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ**، وَ**تَعْوِيضاً مَالِيّاً أَو عَيْنِيَّاً عَنِ الضَّرَرِ**، وَكُلَّ اِتِّفَاقٍ آخَرَ غَيْرَ مُخَالِفٍ لِلقَانُونِ.
-
ج. الْأَثَرُ التَّنْفِيذِيُّ لِلِاِتِّفَاقِ وَعَدَمُ جَوَازِ الطَّعْنِ فِيهِ.
يُعَدُّ **مَحْضَرُ اِتِّفَاقِ الْوَسَاطَةِ سَنَداً تَنْفِيذِيَّاً**، وَ**لَا يَجُوزُ الطَّعْنُ فِيهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ مِن طُرُقِ الطَّعْنِ**.
-
د. إِيقَافُ سَرَيَانِ تَقَادُمِ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةِ.
**يُوقَفُ سَرَيَانُ تَقَادُمِ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةِ** خِلَالَ الْآجَالِ الْمُحَدَّدَةِ لِتَنْفِيذِ اِتِّفَاقِ الْوَسَاطَةِ.
-
هـ. الْإِجْرَاءَاتُ الْمُتَّخَذَةُ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَنْفِيذِ الِاِتِّفَاقِ، وَالْعُقُوبَةُ الْمُقَرَّرَةُ لِلِاِمْتِنَاعِ الْعَمْدِيِّ عَنِ التَّنْفِيذِ.
إِذَا لَمْ يَتِمَّ تَنْفِيذُ الِاِتِّفَاقِ، **يَتَّخِذُ وَكِيلُ الْجُمْهُورِيَّةِ مَا يَرَاهُ مُنَاسِبَاً بِشَأْنِ إِجْرَاءَاتِ الْمُتَابَعَةِ**. وَيُعَرَّضُ الشَّخْصُ الَّذِي يَمْتَنِعُ عَمْداً عَنِ التَّنْفِيذِ لِـ **الْعُقُوبَاتِ الْمُقَرَّرَةِ لِلْجَرِيمَةِ** الْمَنصُوصِ عَلَيْهَا فِي الْمَادَّةِ 147 مِن قَانُونِ الْعُقُوبَاتِ.
2.2. إِرْجَاءُ الْمُتَابَعَةِ الْجَزَائِيَّةِ الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ
يُعَدُّ إِرْجَاءُ المُتَابَعَةِ الجَزَائِيَّةِ إِجْرَاءً اِسْتِثْنَائِيَّاً يَهْدِفُ إِلَى تَسْوِيَةِ الأَوْضَاعِ المَالِيَّةِ وَالاِقتِصَادِيَّةِ لِلشَّخْصِ المَـعْـنَـوِيِّ بَدَلاً مِنَ المُضِيِّ فِي المُتَابَعَةِ القَضَائِيَّةِ التَّقلِيدِيَّةِ، وَذَلِكَ فِي جَرَائِمَ مُحَدَّدَةٍ.
2.2.1. نِطَاقُ تَطْبِيقِ اِتِّفَاقِيَّةِ الْإِرْجَاءِ وَشُرُوطُهَا
-
أ. تَطْبِيقُهَا عَلَى الشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ الْخَاضِعِ لِلْقَانُونِ الْخَاصِّ الضَّالِعِ فِي جُنَحٍ مُحَدَّدَةٍ.
يُطَبَّقُ إِجْرَاءُ إِرْجَاءِ الْمُتَابَعَةِ عَلَى **الشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ الْخَاضِعِ لِلْقَانُونِ الْخَاصِّ** الَّذِي يُحْتَمَلُ ضُلُوعُهُ فِي جُنَحِ **الْفَسَادِ، وَالصَّرْفِ، وَالتَّهْرِيبِ، وَالتَّهَرُّبِ الضَّرِيبِيِّ، وَتَبْيِيضِ الْأَمْوَالِ**، وَجُنَحِ الْإِخْلَالِ بِسَيْرِ السُّوقِ.
-
ب. شُرُوطُ إِبْرَامِ الِاِتِّفَاقِيَّةِ.
لَا يُمْكِنُ لِوَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ أَنْ يَقْتَرِحَ اِتِّفَاقِيَّةَ الْإِرْجَاءِ إِلَّا إِذَا تَوَفَّرَتِ الشُّرُوطُ التَّالِيَةُ: **وُجُودُ أَعْبَاءٍ كَافِيَةٍ** لِتَجْعَلَ إِدَانَةَ الشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ مُرَجَّحَةً، وَأَنْ يَكُونَ الْإِبْرَامُ أَكْثَرَ **جَدْوَى لِتَحْصِيلِ حُقُوقِ الْخَزِينَةِ الْعُمُومِيَّةِ**، وَأَنْ يُعْرِبَ الشَّخْصُ الْمَـعْـنَـوِيُّ عَن **تَعَاوُنِهِ** الْكَامِلِ، وَأَنْ يَتَعَهَّدَ بِاِتِّخَاذِ **إِجْرَاءَاتٍ تَأْدِيبِيَّةٍ** ضِدَّ الْأَشْخَاصِ الطَّبِيعِيِّينَ الْمُتَسَبِّبِينَ.
-
ج. مَوَانِعُ الْإِبْرَامِ.
لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ **تَأْسِيسُ الشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ لِأَغْرَاضٍ اِحْتِيَالِيَّةٍ**، أَو إِذَا كَانَ **مَسْبُوقاً قَضَائِيَّاً** فِي إِحْدَى الْجَرَائِمِ الْمَشْمُولَةِ بِهَذَا الْإِجْرَاءِ.
2.2.2. الِاِلْتِزَامَاتُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ وَالْإِجْرَاءَاتُ
-
أ. الِاِلْتِزَامَاتُ الْمَشْرُوطَةُ.
تُلْزِمُهُ بِـ: **دَفْعِ مَبْلَغٍ مَالِيٍّ لِلْخَزِينَةِ الْعُمُومِيَّةِ** (لَا يَتَجَاوَزُ **30% مِنْ مُتَوَسِّطِ رَقْمِ الْأَعْمَالِ**)، وَ**دَفْعِ تَعْوِيضٍ لِلطَّرَفِ الْعُمُومِيِّ الْمُتَضَرِّرِ**، وَ**الْخُضُوعِ لِبَرْنَامَجِ إِصْلَاحٍ دَاخِلِيٍّ** لِمُكَافَحَةِ الْجَرِيمَةِ.
-
ب. إِبْرَامُ الِاِتِّفَاقِيَّةِ مَعَ الْمُمَثِّلِ الْقَانُونِيِّ الَّذِي يَنْبَغِي أَلَّا يَكُونَ ضَالِعاً شَخْصِيَّاً.
تُبْرَمُ مَعَ **الْمُمَثِّلِ الْقَانُونِيِّ**، وَيُشْتَرَطُ أَنْ **لَا يَكُونَ ضَالِعَاً شَخْصِيَّاً** فِي الْجَرِيمَةِ مَحَلِّ الْمُتَابَعَةِ.
-
ج. إِخْطَارُ الْوَكِيلِ الْقَضَائِيِّ لِلْخَزِينَةِ وَالطَّرَفِ الْعُمُومِيِّ الْمُتَضَرِّرِ، وَمَنْحُ الْمُمَثِّلِ الْقَانُونِيِّ أَجَلَ شَهْرٍ لِلرَّدِّ الْكِتَابِيِّ.
يَجِبُ إِخْطَارُ الْجِهَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُعْطَى لِلْمُمَثِّلِ الْقَانُونِيِّ فُرْصَةُ الرَّدِّ الْكِتَابِيِّ فِي **أَجَلِ شَهْرٍ (1)**.
-
د. الْأَثَرُ الْقَانُونِيُّ لِلِاِتِّفَاقِيَّةِ.
**لَا تُمَثِّلُ إِدَانَةً**، وَتُعْرَضُ عَلَى رَئِيسِ جِهَةِ الْحُكْمِ، وَتُعَدُّ **سَنَداً تَنْفِيذِيَّاً** بِمُجَرَّدِ إِمْهَارِهَا بِالصِّيغَةِ التَّنْفِيذِيَّةِ.
2.2.3. اِنْقِضَاءُ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةِ وَحَالَةُ الْإِخْلَالِ
-
أ. إِيقَافُ سَرَيَانِ آجَالِ التَّقَادُمِ خِلَالَ فَتْرَةِ التَّنْفِيذِ، وَاِنْقِضَاءُ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةِ بِالتَّنْفِيذِ الْكُلِّيِّ لِلِاِلْتِزَامَاتِ.
**يُوقَفُ سَرَيَانُ آجَالِ تَقَادُمِ الدَّعْوَى** خِلَالَ التَّنْفِيذِ، وَيُؤَدِّي **التَّنْفِيذُ الْكُلِّيُّ إِلَى اِنْقِضَاءِ الدَّعْوَى الْعُمُومِيَّةِ**.
-
ب. إِجْرَاءَاتُ وَقْفِ تَنْفِيذِ الِاِتِّفَاقِيَّةِ فِي حَالَةِ الْإِخْلَالِ.
إِذَا لَمْ يُنَفِّذِ الشَّخْصُ الْمَـعْـنَـوِيُّ اِلْتِزَامَاتِهِ، يَتِمُّ **وَقْفُ تَنْفِيذِ الِاِتِّفَاقِيَّةِ** بِقَرَارٍ مِنْ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ.
-
ج. إِمْكَانِيَّةُ اِتِّخَاذِ إِجْرَاءَاتِ الْمُتَابَعَةِ الْجَزَائِيَّةِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ اِسْتِعْمَالِ مُحْتَوَى التَّصْرِيحَاتِ الَّتِي أَدْلَى بِهَا الْمُمَثِّلُ الْقَانُونِيُّ فِي مُوَاجَهَةِ الشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ.
بَعْدَ الْوَقْفِ، **يُتَّخَذُ مَا يَرَاهُ وَكِيلُ الْجُمْهُورِيَّةِ مُنَاسِبَاً بِشَأْنِ إِجْرَاءَاتِ الْمُتَابَعَةِ**، مَعَ **حَظْرِ اِسْتِعْمَالِ التَّصْرِيحَاتِ** الَّتِي أَدْلَى بِهَا الْمُمَثِّلُ الْقَانُونِيُّ فِي مُوَاجَهَةِ الشَّخْصِ الْمَـعْـنَـوِيِّ أَمَامَ جِهَةِ التَّحْقِيقِ أَوِ الْحُكْمِ.
3.1. ضَوَابِطُ التَّحْقِيقِ فِي الْجِنَايَةِ أَوِ الْجُنْحَةِ الْمُتَلَبَّسِ بِهَا
يُعَدُّ التَّحْقِيقُ فِي حَالَةِ التَّلَبُّسِ إِجْرَاءً اِسْتِثْنَائِيَّاً يَتَمَيَّزُ بِالسُّرعَةِ، مِمَّا يَمْنَحُ ضُبَّاطَ الشُّرطَةِ القَضَائِيَّةِ سُلْطَاتٍ وَاسِعَةً، لَكِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِضَمَانَاتٍ صَارِمَةٍ لِحِمَايَةِ الحُرِّيَّاتِ الفَرْدِيَّةِ.
3.1.1. تَعْرِيفُ حَالَةِ التَّلَبُّسِ وَسُلْطَاتُ ضَابِطِ الشُّرْطَةِ الْقَضَائِيَّةِ
-
أ. وَصْفُ الْجِنَايَةِ أَوِ الْجُنْحَةِ بِأَنَّهَا فِي حَالَةِ تَلَبُّسٍ.
إِذَا كَانَتْ مُرْتَكَبَةً **فِي الْحَالِ أَو عَقِبَ اِرْتِكَابِهَا**، أَو إِذَا تَبِعَهُ الْعَامَّةُ **بِالصِّيَاحِ**، أَو وُجِدَتْ فِي حِيَازَتِهِ **آثَارٌ أَو دَلَائِلُ** تَفْتَرِضُ مُسَاهَمَتَهُ، أَو إِذَا وَقَعَتْ فِي **مَنْزِلٍ** وَكَشَفَ عَنْهَا صَاحِبُ الْمَنْزِلِ.
-
ب. وُجُوبُ إِخْطَارِ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ فَوْراً، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْآثَارِ وَضَبْطِ مَا يُؤَدِّي لِإِظْهَارِ الْحَقِيقَةِ.
يَجِبُ عَلَى ضَابِطِ الشُّرْطَةِ الْقَضَائِيَّةِ أَنْ **يُخْطِرَ وَكِيلَ الْجُمْهُورِيَّةِ عَلَى الْفَوْرِ** وَيَنْتَقِلَ **بِدُونِ تَمَهُّلٍ** لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْآثَارِ وَضَبْطِ كُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى إِظْهَارِ الْحَقِيقَةِ.
-
ج. حَظْرُ إِجْرَاءِ أَيِّ تَغْيِيرٍ عَلَى حَالَةِ الْأَمَاكِنِ أَو نَزْعِ أَيِّ شَيْءٍ قَبْلَ الْإِجْرَاءَاتِ الْأَوَّلِيَّةِ لِلتَّحْقِيقِ، وَعُقُوبَةُ عَرْقَلَةِ سَيْرِ الْعَدَالَةِ.
**يُحْظَرُ** فِي مَكَانِ اِرْتِكَابِ الْجِنَايَةِ عَلَى **كُلِّ شَخْصٍ لَا صِفَةَ لَهُ** إِجْرَاءُ أَيِّ تَغْيِيرٍ قَبْلَ الْإِجْرَاءَاتِ الْأَوَّلِيَّةِ، وَإِلَّا **عُوقِبَ عَلَى عَرْقَلَةِ سَيْرِ الْعَدَالَةِ**.
3.1.2. ضَوَابِطُ التَّفْتِيشِ وَالتَّوْثِيقِ
-
أ. ضَرُورَةُ الْحُصُولِ عَلَى إِذْنٍ مَكْتُوبٍ وَمُسْبَقٍ مِنْ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ أَو قَاضِي التَّحْقِيقِ لِإِجْرَاءِ التَّفْتِيشِ فِي الْمَسَاكِنِ.
لَا يَجُوزُ لِضُبَّاطِ الشُّرْطَةِ الْقَضَائِيَّةِ إِجْرَاءُ تِفْتِيشٍ إِلَّا **بِإِذْنٍ مَكْتُوبٍ سَابِقٍ** مِنْ **وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ أَو قَاضِي التَّحْقِيقِ**، وَيَجِبُ **الِاِسْتِظْهَارُ بِهَذَا الْأَمْرِ**، **تَحْتَ طَائِلَةِ الْبُطْلَانِ**.
-
ب. قَوَاعِدُ حُضُورِ التَّفْتِيشِ، وَضَمَانُ اِحْتِرَامِ السِّرِّ الْمِهْنِيِّ.
يَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ التَّفْتِيشُ **بِحُضُورِ الْمُشْتَبَهِ بِهِ أَو مُمَثِّلِهِ**، أَو بِحُضُورِ **شَاهِدَيْنِ** مِن غَيْرِ الْمُوَظَّفِينَ. وَيَجِبُ اِتِّخَاذُ التَّدَابِيرِ اللَّازِمَةِ لِضَمَانِ **اِحْتِرَامِ السِّرِّ الْمِهْنِيِّ** فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَشْغَلُهَا الْمُلْزَمُ بِكَـتْمَانِهِ.
-
ج. تَوْقِيتُ التَّفْتِيشِ.
الْقَاعِدَةُ: **عَدَمُ الْجَوَازِ قَبْلَ السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ (5) صَبَاحَاً، وَلَا بَعْدَ السَّاعَةِ الثَّامِنَةِ (8) مَسَاءً**. الِاِسْتِثْنَاءُ: يَجُوزُ فِي **كُلِّ سَاعَةٍ مِن سَاعَاتِ النَّهَارِ أَوِ اللَّيْلِ** فِي حَالَاتِ الْجَرَائِمِ الْخَطِيرَةِ بِنَاءً عَلَى **إِذْنٍ مَكْتُوبٍ مُسْبَقٍ**.
-
د. عُقُوبَةُ إِفْشَاءِ مُسْتَنَدٍ نَاتِجٍ عَنِ التَّفْتِيشِ.
يُعَاقَبُ بِالْحَبْسِ وَالْغَرَامَةِ **كُلُّ مَن أَفْشَى مُسْتَنَداً** نَاتِجاً عَنِ التَّفْتِيشِ لِشَخْصٍ لَا صِفَةَ لَهُ قَانُوناً.
-
هـ. بُطْلَانُ الْإِجْرَاءَاتِ النَّاتِجَةِ عَن مُخَالَفَةِ أَحْكَامِ الْحُضُورِ وَالتَّوْقِيتِ.
يَتَرَتَّبُ عَلَى مُخَالَفَةِ إِجْرَاءَاتِ الْحُضُورِ وَالتَّوْقِيتِ **الْبُطْلَانُ** وِفْقَاً لِلْمَادَّتَيْنِ 76 وَ 78.
3.1.3. أَحكَامُ الْإِيقَافِ لِلنَّظَرِ (الْحِرَاسَةِ النَّظَرِيَّةِ)
-
أ. الْمُدَّةُ الْقُصْوَى لِلْإِيقَافِ وَإِجْرَاءَاتُ التَّمْدِيدِ.
الْأَجَلُ الْأَقْصَى هُوَ **ثَمَانٍ وَأَرْبَعُونَ (48) سَاعَةً**، وَلَا يَجُوزُ التَّجَاوُزُ إِلَّا بِتَرْخِيصٍ **كِتَابِيٍّ مُسْبَقٍ** مِن وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ. وَيُعَرَّضُ الْمُخَالِفُ لِعُقُوبَةِ **الْحَبْسِ التَّعَسُّفِيِّ**.
-
ب. حُقُوقُ الْمَوْقُوفِ فِي الِاِتِّصَالِ وَالِاِسْتِعَانَةِ بِمُحَامٍ.
يَجِبُ إِخْبَارُهُ بِحَقِّهِ فِي **الِاِتِّصَالِ فَوْراً** بِأَحَدِ أُصُولِهِ/فُرُوعِهِ/زَوْجِهِ/إِخْوَتِهِ، وَبِحَقِّهِ فِي **الِاِتِّصَالِ بِمُحَامِيهِ** وَزِيَارَتِهِ (بِضَوَابِطَ خَاصَّةٍ فِي الْجَرَائِمِ الْخَطِيرَةِ).
-
ج. الضَّمَانَاتُ الصِّحِّيَّةُ وَالتَّوْثِيقُ.
وُجُوبُ إِجْرَاءِ **فَحْصٍ طِبِّيٍّ** إِذَا طُلِبَ، وَيَجِبُ ضَمَانُ **تَدْوِينِ مُدَّةِ الِاِسْتِجْوَابِ وَفَتَرَاتِ الرَّاحَةِ** فِي المَحْضَرِ.
3.1.4. تَدَاخُلُ سُلْطَاتِ التَّحْقِيقِ
-
أ. رَفْعُ يَدِ ضَابِطِ الشُّرْطَةِ الْقَضَائِيَّةِ.
**تُرْفَعُ يَدُهُ** عَنِ التَّحْقِيقِ **بِوُصُولِ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ إِلَى مَكَانِ الْحَادِثِ**.
-
ب. حَقُّ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ فِي إِصْدَارِ الْأَمْرِ بِالْإِحْضَارِ.
يَحِقُّ لَهُ فِي حَالَةِ الْجِنَايَةِ الْمُتَلَبَّسِ بِهَا أَنْ يُصْدِرَ أَمْراً بِإِحْضَارِ الْمُشْتَبَهِ بِهِ وَاِسْتِجْوَابِهِ فَوْراً.
-
ج. حَقُّ ضَبْطِ الْجَانِي.
يَحِقُّ **لِأَيِّ شَخْصٍ** فِي حَالَاتِ الْجِنَايَةِ أَوِ الْجُنْحَةِ الْمُتَلَبَّسِ بِهَا الْمُعَاقَبِ عَلَيْهَا بِالْحَبْسِ، **ضَبْطُ الْفَاعِلِ وَاِقْتِيَادُهُ إِلَى أَقْرَبِ مَقَرٍّ لِلشُّرْطَةِ الْقَضَائِيَّةِ**.
3.2. الْمُثُولُ بِنَاءً عَلَى الِاِعْتِرَافِ الْمُسْبَقِ بِالذَّنْبِ
يُشَكِّلُ إِجْرَاءُ الْمُثُولِ بِنَاءً عَلَى الاِعتِرَافِ المُسْبَقِ بِالذَّنبِ آلِيَّةً قَضَائِيَّةً تَهْدِفُ إِلَى تَسْرِيعِ الفَصْلِ فِي الجُنَحِ ذَاتِ الجَسَامَةِ المَحدُودَةِ، شَرِيطَةَ اِعتِرَافِ المُتَّهَمِ الصَّرِيحِ.
3.2.1. شُرُوطُ التَّطْبِيقِ وَنِطَاقُهُ
-
أ. لُجُوءُ وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ إِلَى الْإِجْرَاءِ فِي مَوَادِّ الْجُنَحِ بِنَاءً عَلَى الِاِعْتِرَافِ الصَّرِيحِ وَالْوَاضِحِ بِالْوَقَائِعِ.
يَخْتَصُّ وَكِيلُ الْجُمْهُورِيَّةِ بِتَقْرِيرِ اللُّجُوءِ إِلَى هَذَا الْإِجْرَاءِ فِي مَوَادِّ **الْجُنَحِ فَقَطْ**، وَالْشَّرْطُ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ **اِعْتِرَافُ الْمُتَّهَمِ بِالْوَقَائِعِ اِعْتِرَافاً صَرِيحَاً لَا لَبْسَ فِيهِ**.
-
ب. حَالَاتُ اِسْتِبْعَادِ تَطْبِيقِ الْإِجْرَاءِ.
لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَتِ الْجُنَحُ تَتَجَاوَزُ عُقُوبَتُهَا الْقُصْوَى **خَمْسَ (5) سَنَوَاتٍ حَبْساً**، أَوِ الْجُنَحُ الْمُرْتَكَبَةُ **ضِدَّ الْأَطْفَالِ**، أَو جُنَحٌ مُحَدَّدَةٌ تُعْتَبَرُ خَطِيرَةً.
3.2.2. اِقْتِرَاحُ الْعُقُوبَةِ وَإِجْرَاءَاتُ الْقَبُولِ وَالرَّفْضِ
-
أ. ضَوَابِطُ اِقْتِرَاحِ الْعُقُوبَةِ.
أَلَّا تَتَجَاوَزَ مُدَّةُ الْحَبْسِ أَو مَبْلَغُ الْغَرَامَةِ الْمُقْتَرَحَةُ **نِصْفَ الْحَدِّ الْأَقْصَى** لِلْعُقُوبَةِ الْمُقَرَّرَةِ قَانُوناً، وَأَلَّا تَقِلَّ الْغَرَامَةُ عَن **ثُلُثَيِ الْحَدِّ الْأَقْصَى** لِلْغَرَامَةِ.
-
ب. حَقُّ الْمُتَّهَمِ أَو مُحَامِيهِ فِي طَلَبِ أَجَلٍ لِلرَّدِّ.
حَقُّ الْتِمَاسِ **أَجَلٍ لَا يَتَجَاوَزُ خَمْسَةَ (5) أَيَّامٍ لِلرَّدِّ** عَلَى الِاِقْتِرَاحِ.
-
ج. إِجْرَاءَاتُ حَبْسِ الْمُتَّهَمِ مُؤَقَّتاً فِي حَالَةِ اِقْتِرَاحِ الْحَبْسِ النَّافِذِ.
يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ **بِحَبْسِهِ مُؤَقَّتاً** لِآجَالٍ لَا تَتَجَاوَزُ **عِشْرِينَ (20) يَوْماً**.
-
د. إِجْرَاءَاتُ الْقَبُولِ أَوِ الرَّفْضِ.
فِي حَالَةِ الْقَبُولِ، يُثْبَتُ فِي **مَحْضَرٍ رَسْمِيٍّ** وَيُحَالُ الْمُتَّهَمُ فَوْراً أَمَامَ الْمَحكَمَةِ لِطَلَبِ **الْمُصَادَقَةِ**. وَفِي حَالَةِ الرَّفْضِ، **تُحَالُ أَوْرَاقُ الْقَضِيَّةِ إِلَى وَكِيلِ الْجُمْهُورِيَّةِ** لِاِتِّخَاذِ إِجْرَاءَاتِ الْمُتَابَعَةِ.
3.2.3. الْمُصَادَقَةُ الْقَضَائِيَّةُ وَآثَارُهَا
-
أ. دَوْرُ الْقَاضِي فِي الْمُصَادَقَةِ.
يَقْتَصِرُ دَوْرُ الْقَاضِي عَلَى **التَّأَكُّدِ مِنْ صِحَّةِ الِاِعْتِرَافِ**، وَ**الْوَصْفِ الْقَانُونِيِّ لِلْأَفْعَالِ**، وَ**شَرْعِيَّةِ الْعُقُوبَاتِ** الْمُقْتَرَحَةِ.
-
ب. الْأَثَرُ التَّنْفِيذِيُّ لِلْمُصَادَقَةِ.
يَفْصِلُ الْقَاضِي **بِحُكْمٍ وَاحِدٍ** قَابِلٍ لِلِاِسْتِئْنَافِ، وَيُعَدُّ الْحُكْمُ **بِمَثَابَةِ حُكْمٍ بِالْإِدَانَةِ وَسَنَداً تَنْفِيذِيَّاً** بِشِقَّيْهِ الْجَزَائِيِّ وَالْمَدَنِيِّ.
-
ج. آثَارُ رَفْضِ الْمُصَادَقَةِ عَلَى الْمَحْضَرِ.
تَأْمُرُ الْمَحكَمَةُ **بِإِحَالَةِ أَوْرَاقِ الْقَضِيَّةِ إِلَى النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ**. وَفِي حَالَةِ الْمُتَّهَمِ الْمَحْبُوسِ، إِذَا لَمْ تَتَصَرَّفِ النِّيَابَةُ فِي مِلَفِّ الْإِجْرَاءَاتِ فِي أَجَلِ **خَمْسَةِ (5) أَيَّامٍ**، **أُخْلِيَ سَبِيلُهُ**.
-
د. مَصِيرُ الْمَحْضَرِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْمُصَادَقَةِ.
فِي حَالَةِ عَدَمِ الْمُصَادَقَةِ، **يُسْحَبُ الْمَحْضَرُ مِنْ مِلَفِّ الدَّعْوَى وَيُحْفَظُ**، وَ**يُحْظَرُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ** لِاِسْتِنْبَاطِ عَنَاصِرَ أَوِ اِتِّهَامَاتٍ ضِدَّ الْمُتَّهَمِ **تَحْتَ طَائِلَةِ الْبُطْلَانِ**.
خَاتِمَةٌ: تُؤَكِّدُ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ عَلَى التَّنَوُّعِ الإِجْرَائِيِّ فِي التَّشْرِيعِ الجَزَائِيِّ، بَدءاً مِنَ المَسَارَاتِ التَّقلِيدِيَّةِ لِرَفْعِ الدَّعوَى، مُرُوراً بِبَدَائِلِ المُتَابَعَةِ الَّتِي تُعَزِّزُ العَدَالَةَ التَّصَالُحِيَّةَ، وُصُولاً إِلَى الضَّمَانَاتِ الدَّقِيقَةِ فِي التَّحقِيقَاتِ المُتَلَبَّسِ بِهَا، مِمَّا يَعكِسُ تَّوَازُناً بَيْنَ فَعَّالِيَّةِ المُتَابَعَةِ وَضَمَانَاتِ حُقُوقِ الأَطْرَافِ.