الدليل القانوني للإجراءات الجزائية

منظمة المحامين لناحية قسنطينة - الأستاذ بوطاس الحاسن - 19 أكتوبر 2025

هذا الدليل الموجز يمثل خلاصة تنظيمية لأهم الإجراءات والمراحل في القانون الجزائي، مقدماً في شكل يسهل الرجوع إليه وفهم صلاحيات وإجراءات كل من النيابة العامة وقاضي التحقيق وضابط الشرطة القضائية.

1. مزاولة الدعوى العمومية أمام المحكمة

أ. في الجرائم (الجنايات والجنح) (المادة 472)
تُرفع إلى المحكمة في الجرائم المختصة بنظرها بـ:
  1. طريق الإحالة إليها من الجهة القضائية المنوط بها إجراء التحقيق.
  2. حضور أطراف الدعوى بإرادتهم بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 473 أدناه.
  3. تكليف بالحضور يُسلّم مباشرة إلى المتهم وإلى الأشخاص المسؤولين مدنياً عن الجريمة.
  4. تطبيق إجراءات الإخطار الفوري أو المثول بناء على الاعتراف المسبق بالذنب أو إجراءات الأمر الجزائي.
  5. الإخطار من جهة الحكم طبقاً لأحكام المادة 477 أدناه.
  6. تطبيق إجراءات الإحالة من محكمة إلى أخرى تطبيقاً لأحكام المادة 712 وما يليها من هذا القانون.
ب. في مواد المخالفات (المادة 564)
تُمزاولة الدعوى العمومية أمام المحكمة إما:
  1. بالإحالة من جهة التحقيق.
  2. بحضور أطراف الدعوى باختيارهم.
  3. بتكليف بالحضور مُسلّم إلى المتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية.
ج. الإخطار المسلّم بمعرفة النيابة العامة (المادة 565)
يقوم الإخطار المسلّم بمعرفة النيابة العامة مقام التكليف بالحضور إذا تبعه حضور الشخص الموجه إليه الإخطار باختياره. ويجب أن تُذكر فيه الجريمة محل المتابعة ويشار فيه إلى المواد القانونية المعاقب بها.

2. الوساطة (المواد 59 إلى 68)

الجزئيةالإجراء القانوني
صلاحية الإجراء (م 59) يجوز لوكيل الجمهورية، قبل أي متابعة جزائية، أن يقرر إجراء وساطة بمبادرة منه أو بناء على طلب الضحية أو المشتكى منه، عندما يكون من شأنها وضع حد للإخلال الناتج عن الجريمة أو جبر الضرر المترتب عنها.
التنفيذ والشروط (م 59، 60) تتم بموجب اتفاق مكتوب بين مرتكب الأفعال المجرمة والضحية وبحضور ممثلها القانوني إذا كانت طفلاً. يشترط قبول الضحية والمشتكى منه، ويجوز لكل منهما الاستعانة بمحام.
الوسيط واليمين (م 59) يتولى وكيل الجمهورية إجراء الوساطة أو يفوض للقيام بذلك أحد الوسطاء، الذي يجب أن يعرض محضر الوساطة على وكيل الجمهورية لاعتماده والتأشير عليه. يؤدي الوسطاء المفوّضون اليمين أمام المجلس القضائي بصيغة محددة (على أداء المهام وحفظ سرّية المعلومات).
مكان الإجراء (م 59) تتم الوساطة، في جميع الحالات، في مقر المحكمة.
مجال التطبيق (م 61) يمكن أن تطبق في مواد الجنح المحددة (كالسب والقذف، خيانة الأمانة، الشيك بدون رصيد، السرقة والنصب بين الأقارب/الأصهار إلى غاية الدرجة الرابعة، جنح الضرب والجروح غير العمدية والعمدية المرتكبة بدون سبق إصرار أو ترصد أو استعمال السلاح... إلخ)، كما يمكن أن تطبق في المخالفات.
مضمون الاتفاق (م 63) يتضمن اتفاق الوساطة: 1. إعادة الحال إلى ما كانت عليه، متى أمكن ذلك. 2. تعويض مالي أو عيني عن الضرر. 3. كل اتفاق آخر غير مخالف للقانون يتوصل إليه الأطراف.
الآثار القانونية (م 64، 65، 66، 67، 68) لا يجوز الطعن في اتفاق الوساطة بأي طريق من طرق الطعن. يعد محضر اتفاق الوساطة سنداً تنفيذياً. يوقف سريان تقادم الدعوى العمومية خلال الآجال المحددة للتنفيذ. إذا لم يتم تنفيذ الاتفاق، يتخذ وكيل الجمهورية ما يراه مناسبا بشأن إجراءات المتابعة. يُعَرَّض للعقوبات المقررة للجريمة المنصوص عليها في المطة الثانية من المادة 147 من قانون العقوبات، الشخص الذي يمتنع عمداً عن تنفيذ اتفاق الوساطة.

3. التحقيقات في الجناية أو الجنحة المتلبس بها (م 72 إلى 95)

أ. التلبس والإجراءات الأولية (م 72 - 76)
  1. وصف الجريمة (م 72): توصف بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها، أو إذا تبعَه العامة بالصياح، أو وُجدت في حيازته أشياء أو آثار أو دلائل تدعو إلى افتراض مساهمته.
  2. واجب ضابط الشرطة القضائية (م 73): يجب أن يخطر وكيل الجمهورية على الفور ثم ينتقل بدون تمهل إلى مكان الجناية، ويسهر على المحافظة على الآثار ويضبط كل ما يمكن أن يؤدي إلى إظهار الحقيقة.
  3. التغيير وطمس الآثار (م 74): يُحظر على كل شخص لا صفة له أن يقوم بإجراء أي تغيير على حالة الأماكن أو ينزع أي شيء منها قبل الإجراءات الأولية للتحقيق القضائي. إذا كان المقصود من طمس الآثار أو نزع الأشياء هو عرقلة سير العدالة، فيعاقب على هذا الفعل بالحبس من ثلاثة (3) أشهر إلى ثلاث (3) سنوات وبغرامة من 50.000 دج إلى 150.000 دج.
  4. التفتيش (م 75، 76): لا يجوز إجراء التفتيش إلا بإذن مكتوب سابق صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق، مع وجوب الاستظهار بهذا الأمر قبل الدخول إلى المنزل والشروع في التفتيش، وذلك تحت طائلة البطلان. يجب أن يحصل التفتيش بحضور المشتبه فيه أو ممثله، أو بحضور شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطته. يجب اتخاذ جميع التدابير لضمان احترام السر المهني.
ب. المواعيد والبطلان والتوقيف للنظر (م 78، 80، 83، 85)
  1. مواعيد التفتيش (م 78): لا يجوز البدء في تفتيش المساكن ومعاينتها قبل الساعة الخامسة (5) صباحاً، ولا بعد الساعة الثامنة (8) مساء، إلا في الحالات الاستثنائية. يجوز إجراء التفتيش والمعاينة والحجز في كل ساعة من ساعات النهار أو الليل في الجرائم المحددة (القتل العمدي، المخدرات، الإرهاب، الفساد، إلخ) بناءً على إذن مكتوب مسبق من وكيل الجمهورية المختص.
  2. البطلان (م 80): يجب مراعاة الإجراءات التي استوجبتها المادتان 76 و78 أعلاه، ويترتب على مخالفتها البطلان.
  3. التوقيف للنظر (م 83): المدة القصوى هي ثمان وأربعون (48) ساعة. يمكن تمديد آجال التوقيف للنظر بإذن مكتوب من وكيل الجمهورية المختص: مرتين (قتل عمدي واختطاف)، ثلاث مرات (مخدرات، فساد، تبييض أموال، إلخ)، أربع مرات (أمن الدولة والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية)، خمس مرات (أفعال إرهابية أو تخريبية). إن انتهاك الأحكام المتعلقة بآجال التوقيف للنظر، يعرض ضابط الشرطة القضائية للعقوبات المقررة للحبس التعسفي.
  4. حقوق الموقوف للنظر (م 85): يجب وضع تحت تصرفه كل وسيلة تمكنه من الاتصال فوراً بأحد أصوله أو فروعه أو إخوته أو أخواته أو زوجه حسب اختياره ومن تلقي زيارته أو الاتصال بمحاميه. إذا تم التمديد، يمكن الشخص الموقوف أن يتلقى زيارة محاميه، وفي الجرائم الخطيرة المحددة، تكون الزيارة بعد انقضاء نصف المدة القصوى، وتتم في غرفة خاصة تضمن سرّية المحادثة وعلى مرأى ضابط الشرطة القضائية، ولا تتجاوز ثلاثين (30) دقيقة. يتم وجوباً إجراء فحص طبي للشخص الموقوف إذا ما طلب ذلك.
ج. دور القضاء (م 90 - 94)
  1. رفع اليد عن التحقيق (م 90): ترفع يد ضابط الشرطة القضائية عن التحقيق بوصول وكيل الجمهورية لمكان الحادث.
  2. أمر بالإحضار (م 92): يجوز لوكيل الجمهورية في حالة الجناية المتلبس بها، إذا لم يكن قاضي التحقيق قد أبلغ بها بعد، أن يصدر أمراً بإحضار المشتبه بمساهمته في الجريمة.
  3. ضبط الفاعل (م 94): يحق لكل شخص في حالات الجناية أو الجنحة المتلبس بها والمعاقب عليها بعقوبة الحبس، ضبط الفاعل واقتياده إلى أقرب مقر للشرطة القضائية.

4. إرجاء المتابعة الجزائية (الشخص المعنوي) (م 105 إلى 113)

الجزئيةالإجراء القانوني
الهدف والطرف المعني (م 105) يمكن لوكيل الجمهورية، قبل تحريك الدعوى العمومية، أن يعقد مع الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص اتفاقية تتضمن إرجاء المتابعة الجزائية ضده، مقابل إرجاعه الأموال والممتلكات والعائدات المتصرف فيها أو المحولة إلى خارج التراب الوطني أو ما يمثل قيمتها ودفع كامل المبالغ المستحقة للخزينة العمومية وللأطراف العمومية المتضررة من الجرائم المنسوبة إليه.
الجرائم المشمولة (م 106) الجنح المنصوص عليها في قوانين الوقاية من الفساد ومكافحته (باستثناء جرائم الرشوة)، الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، مكافحة التهريب، قانون الجمارك، وجنح التهرب والغش الضريبيين.
الالتزامات المشروطة (م 107) 1. دفع غرامة للخزينة العمومية لا يمكن أن يتجاوز مبلغها 30% من متوسط رقم الأعمال السنوي للثلاث (3) سنوات الأخيرة. 2. دفع تعويض للطرف العمومي المتضرر. 3. الخضوع لـ برنامج إصلاح داخلي لدعم النزاهة (بمتابعة خبير).
القوة التنفيذية (م 109) لا تمثل اتفاقية إرجاء المتابعة إدانة للشخص المعنوي. تُمهَر الاتفاقية بالصيغة التنفيذية، وتعتبر سنداً تنفيذياً.
انقضاء الدعوى والتقادم (م 110) يوقف سريان آجال تقادم الدعوى العمومية خلال فترة تنفيذ الاتفاقية. تنقضي الدعوى العمومية بتنفيذ الشخص المعنوي كل الالتزامات.
عدم الالتزام (م 113) تتخذ إجراءات المتابعة الجزائية إذا لم يقم الشخص المعنوي بتنفيذ الالتزامات. لا يجوز استعمال محتوى التصريحات التي أدلى بها ممثله القانوني في مواجهته أمام جهة التحقيق أو جهة الحكم.

5. الادعاء المدني (م 147 إلى 154)

البندالنص الكامل
شروط القبول (م 147) يجوز لكل شخص متضرر من جناية أو جنحة أن يدعي مدنياً أمام قاضي التحقيق المختص. لا تكون الشكوى المصحوبة بادعاء مدني مقبولة إلا إذا أثبت المعني أنه سبق له تقديم شكوى وتم حفظها أو أنه مرّ على إيداعها أجل أربعة (4) أشهر ولم يتخذ بشأنها قراراً بتحريك الدعوى العمومية.
دور النيابة (م 148) يأمر قاضي التحقيق بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية في أجل خمسة (5) أيام لإبداء رأيه، ويجب على وكيل الجمهورية أن يبدي طلباته في أجل خمسة (5) أيام من يوم التبليغ.
الكفالة (م 150) يتعيّن على المدعي المدني الذي يحرك الدعوى العمومية، إذا لم يكن قد حصل على المساعدة القضائية، أن يودع لدى أمَانَة الضَّبْط المبلغ المقدر لزومه لمصاريف الدعوى، تحت طائلة عدم قبول الشكوى.
التعويض بعد ألا وجه للمتابعة (م 154) إذا صدر قرار نهائي وحائز لقوة الشيء المقضي فيه بألاً وجه لمتابعة المتهم، يجوز للمتهم أن يطلب الحكم له قبل الشاكي بالتعويض. يجب أن ترفع دعوى التعويض المدني خلال ثلاثة (3) أشهر من تاريخ صيرورة الأمر نهائياً أمام محكمة الجنح التي أجري في دائرتها تحقيق القضية.

6. المثول بناءً على الاعتراف المسبق بالذنب (م 539 إلى 548)

الجزئيةالإجراء القانوني
الشروط (م 539، 540) يمكن لوكيل الجمهورية أن يلجأ تلقائياً أو بناء على طلب الشخص أو محاميه، إلى إجراءات المثول في مواد الجنح، إذا اعترف المعني بالوقائع المجرّمة المنسوبة إليه، اعترافاً صريحاً لا لبس فيه. ولا يطبق على الجنح التي يتجاوز فيها الحد الأقصى للعقوبة المقررة للحبس خمس (5) سنوات.
مقدار العقوبة (م 541) يجب ألا تتجاوز مدة الحبس أو مقدار الغرامة نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانوناً.
مهلة الرد والوضع القانوني (م 542) يمكن المتهم أو محاميه أن يلتمس أجلاً لا يتعدى خمسة (5) أيام للرد. إذا كانت العقوبة المقترحة تتضمن الحبس النافذ، يقرر رئيس الجهة القضائية أو القاضي الذي ينوب عنه، إبقاءه حراً أو إخضاعه لتدابير الرقابة القضائية أو حبسه مؤقتاً لمدة لا تتجاوز عشرين (20) يوماً.
في حالة الرفض (م 543) يتخذ وكيل الجمهورية الإجراء الذي يراه مناسباً. يبقى الأمر بالحبس المذكور في المادة 542 منتجاً لأثره إذا أحيل الملف أمام المحكمة وقررت تأجيل القضية.
القبول والإحالة (م 544) إذا أبدى المتهم قبوله، يثبت هذا القبول على محضر يمضيه المتهم ووكيل الجمهورية وأمين الضبط، ويحال المتهم فوراً، أمام المحكمة ملتمساً المصادقة على المحضر.
قرار المحكمة (م 545) يقرر القاضي إما المصادقة على المحضر أو رفض المصادقة عليه. إذا قرر المصادقة، يتصدى للدعوى المدنية ويفصل بموجب حكم واحد قابل للاستئناف في الدعويين. إذا قررت المحكمة رفض المصادقة على المحضر، تأمر بإحالة أوراق القضية إلى النيابة العامة لاتخاذ ما تراه مناسباً. يبقى الأمر بالحبس المذكور في المادة 542 أعلاه، منتجاً لأثره إلى غاية انتهاء آجال الاستئناف، وفي حالة عدم تسجيل أي استئناف وجب على وكيل الجمهورية أن يتصرف في ملف الإجراءات في أجل أقصاه خمسة (5) أيام وإلا أخلي سبيل المتهم.
الاستئناف (م 546) إذا تم استئناف الحكم، وكان المتهم موقوفاً، وجب على المجلس القضائي الفصل في القضية في أجل أقصاه شهران (2) من يوم الاستئناف. إذا قضى المجلس بالإلغاء أو بتأييد حكم رفض المصادقة، وجب عليه أن يفصل في بقاء المتهم محبوساً أو الإفراج عنه، ويحيل الملف وجوباً على النيابة العامة لاتخاذ ما تراه مناسباً في أجل أقصاه عشرون (20) يوماً وإلا أخلي سبيل المتهم.
الآثار النهائية (م 547، 548) الحكم أو القرار الذي صادق على المحضر يعد بمثابة حكم أو قرار بالإدانة وسنداً تنفيذياً بشقيه الجزائي والمدني. في حالة عدم المصادقة، يُسحب المحضر من ملف الدعوى ويُحفظ لدى أمانة الضبط ويُحظر الرجوع إليه لاستنباط عناصر أو اتهامات ضد المتهم تحت طائلة البطلان.

منظمة المحامين لناحية قسنطينة - الأستاذ بوطاس الحاسن - 19 أكتوبر 2025